كذا نخيط حدودا لهجرة الطير،
(يموت بعيدا..يموت وحيدا....أقصى الشمال)،
كذا تنساب قطرات الوقت بين الظفر والقلب
كذا تتشقق الرّوح
وتنمو بين الحفر خصلة شعر
والذين صحوا فجرا، على طلقة بندقية،
يشربون ما تبقى من قطر الندى
(نقيّا، زكيّا، طريّا...)
ويأكلون ما تُرك من خبز لأهل المناجم
يقولون: " أفقنا فجرا، صرخنا عمرا، ضعنا دهرا
والآن، هنا، سنأكل خبزا، نشرب ندى، نقتات على همبورغر وعطور باريسية"
وآخرون يتكتّلون يسكنون هنا،
لا هنا،
يجهلون مكان السّكن،
وماسهم ما عاد لامع الجوهر،
( حين أفاقوا أوّل الفجر).
أراهم صبيحة الأحد،
ينشرون ثيابهم الرسمية، على شرفة الوطن
فتقطر، قطرة ... قطرة
في كأس مرصّع بالذّهب.
فيا أيها الجالسون على دماء المذبحة
ألم نقتسم السيجارة ..
نفسا بنفس؟
أم نسيتم أعقاب السجائر في علبة ممزقة،
وتفتّتت أسنانكم كبقايا الطباشير في مذكرة كهل؟
ودخّنتم علب سجائر كاملة؟
سيجارة بسيجارة
وولاعة ذهبيّة
تشتعل كلّ طلقة بندقيّة
ألم نكن نحمل الرصيف على أكتافنا،
دون أن نملّ ثقل المتسوّل يجلس فوق الرصيف؟
أمام المسرح
أمام الكنيسة
في المقاهي
على عتبات الجوامع
والآن صار المتسول يسكن فينا
وعلى الرصيف اغتراب مزمن:
(نزيف في الهويّة)
هناك من
سيخطو خطاكم...
(عل خطى عذراء ليست بعذراء)
هناك من سيفقأ أعين البئر
ويقدّ من تحت قميص الوطن
هناك من سيشرب النخب، في كأس مرصع بالذهب
هناك من سيطلق رصاصة من بندقية، أوّل الفجر،
على آخر سيجارة
وهناك من سيوضّب أحلامي، أينما ذهب،
في الحقيبة...مع ثيابه الشتويّة....
ويهدي الثياب لمتسوّل على رصيف الذّاكرة...
حلمي العليوي
, mercredi 19 octobre 2011, 17:21
* العنوان: في منام الحبيبة كن قمرا، من نصّ "حالة حصار" لمحمود درويش