الخميس، 10 فبراير 2011

الشاهد أو الحبّ.. والثّورة


تحاملت على نفسي وتناولت كرّاس مذكّراتي من درج المكتب، فتحته فكانت الصّفحة تشير إلى يوميّة 12 ديسمبر 2010. قرأت
:
" أفقت وبي خليط من الحزن والفرح فقد كانت ليلة مضطربة لم أستطع فيها النّوم سوى سويعات قليلة.

فمنذ هاتفتني حيفا وزفّت لي الخبر أو إمكانيّة حدوثه وأنا أفكّر في كيفيّة إصلاحه.

قالت أنّه من الممكن أن تكون حاملا. فرحت في أوّل الأمر فقد جاء هذا الجنين في وقته ليرمّم علاقتنا، ولاسيما وقد شهدت تصدّعات في المدّة الأخيرة. بالإضافة إلى أنّه كان حلما يراودني في يقظتي ومنامي.

اقترحت على حبيبتي أن نحتفظ بالجنين وأن تتزوج. ولكنّها رفضت وأخذت تصرخ ناعتة إياي بالغبي وقالت بأنها لا تريد أن تخسر علاقاتها العائليّة. فحزنت لذلك شديد الحزن.

أفقت من النّوم المتقطّع واتّجهت للعمل، وكالعادة، وأنا أفتح باب مكتبي مرّ بجانبي الهاشمي، ألقى تحيّة الصّباح فلعنت الشّيطان الرّجيم وزدت إيقانا بأنّه (نهار أحرف).

حوالي منتصف النّهار هاتفتني حيفا، طلبت أن تراني، فرحت، فهذه فرصة لمحاولة إقناعها بأن نتزوّج.

جلسنا متقابلين في مقهى (البيراميد)، وكالعادة مددت لها وردة حمراء، ولكنّ أول كلماتها كانت (كرهتك آدم).

تحشرج صوتي وأنا أقول:

- حيفا..ماذا حصل لك؟؟؟

- حقيقة أحس بكره لك، لا أطيقك، ولا أطيق رائحتك.

شممت سترتي فكانت الرّائحة ذاتها التّي طالما عشقتها.

اتفقنا أن نبيت معا في منزل الناصر رفقة صديقتنا غادة، وكانت كلمات حيفا بأن لا أحاول حتّى تقبيلها.

قبل الوصول إلى منزل الناصر توقّفنا عند صيدليّة بأريانة، اقتنينا اختبار حمل وتوجّهنا إلى المنزل. "

**********

أغلقت دفتر يوميّاتي ودمعات تنزلق من عينيّا، وألم يزيد من عنائي ومن انقطاع الهواء عن صدري واختناقي.

تقلّبت في سريري من الوجع فسقطت أرضا، أحسست بدوّار، بدأت أحبو باحثا عن آلة التّنفّس الاصطناعي. وصلتها بالتيار الكهربائي وبقيت ملقى على ظهري أرضا وأنا أمجّ ما تلفظ به من دخان.

أحسست براحة، وسرعان ما عادت لي الذّكريات:

"شاب يدعى محمّد بوعزيزي من ولاية سيدي بوزيد يحرق نفسه بعد أن صفعته عونة التّراتيب البلدية، وبعد أن توجّه إلى والي الجهة فرفض مقابلته".

هكذا قال لي أحمد (أونتيكور) عندما فتحت صفحة (الفايسبوك) الخّاصة بي.

اقترح علي أحمد أن يعيّنني في صفحة (شعب تونس يحرق في روحو يا سيادة الرّئيس) فوافقت مباشرة، وكانت أوّل كلماتي قصيدة:



وإذ قال محمد بوعزيزي



سأحرق نفسي

فالجوع والحاجة تقتلني

وعلى جسدي فلتتدفئوا

سأحرق نفسي

فكلّنا نمل

يبحث عن القوت في أرض جرداء

كلّنا شجر برتقال

جفّت الحياة من أغصانه
كلّنا وقود ثورة
وليستفق النّائمون

وتسارعت بعدها الأحداث، بدأت المظاهرات في سيدي بوزيد، القصرين، تالة ..... وبدأت الدّماء تروي الأرض العطشى...وتنبت الورود.

سقط العديد من الضّحايا على أيدي أعوان الأمن. تفاقم الوضع فتحوّلت المظاهرات إلى العاصمة . بدأت أمام الإتحاد العام التونسي للشغل في بطحاء محمد علي الحامّي. ولكن إتحاد الشغل أصدر بيانا بعد أيّام ينفي فيه مسؤوليّته في هذه المظاهرة.

قرأت هذا البيان وأنا أشارك في مظاهرة الجمعية التونسية للنساء الدّيمقراطيّات .

نزلت من المقرّ فناداني شرطي، أنا والصديق سفيان وطلب أن نتعارف مدّعيا بأنّه لو عرفني فسوف يوصي بي خيرا لزملائه. هههه غبي وحقّ السّماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق