ويتركه صالح ويتجه إلى مطعم "دار الجلد" أين يطلب "عجّة"، يأكلها في صمت.. ثم يعود إلى مكتبه...
عندما يدخل يرى الموظفين ملتفين يتحدثون ويتناقشون، نقاشات عن الكرة والبروموسبور، وعم الهاشمي يتدخل بجمل اعتراضية عن فولانة وفلتانة...
لكن هذا اليوم يلفت انتباهه وجه جديد، ليس جديدا في الوزارة، فهذه هي قريبة الوزير التي تحصلت على مكانه في الأعلى، بجانب مكتب "العرف"، وكان مآله هو الأرشيف، بعد العز نزل إلى أسفل السافلين...
ولكن هذا الوجه جديد عن هذه "اللمة" وهذه النقاشات التافهة.
وما إن رآها حتى غاص في أحلامه الوردية، أحلام اقشعرت لها كل شعرات جسمه.
أهذا هو الحب؟؟ من الممكن أن يكون هو، لا وألف لا .. فهي أفعى مثل كل الأفاعي كما قال له أبوه.
ألا يكفي ما حصل معه في الماضي؟؟
لقد رحلت، فرّت، لم تستطع أن تبقى بجانبه بعد تسعة أشهر حمل، وضعته، وبعد أيام قلائل تركت المنزل ورحلت، لا أحد يعرف أين.
لم يعرفها أبدا، حتى صورها مزقت وحرقت كلها، لذا فهو لا يستطيع أن يكوّن عنها صورة في مخيلته، لذلك كان يراها متجسدة في كل امرأة وبالتالي كره النساء جميعا.
لا يعرف عنها إلا ذلك النسر الضخم الذي رسمه والده على فخذها، فكان "وشما" جميلا غاية في الإبداع.
فتح باب قبره من جديد، وجلس يدخّن ويقلّب الأوراق بين يديه، كلّ وملّ، أخذ ورقة بيضاء وقلما أسودا، ما أجمل هذا اللون، وبدأ يكتب....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق