الاثنين، 3 مايو 2010

علاقة غير شرعية


حلة مكتبه تذكره بتجربة تعرض لها منذ سنين.
كان يرعى غنم أبيه في الجبل المطل على قريته في الجنوب، ليست قرية بل هي مجرد مساكن متباعدة تشكل دائرة حول المدرسة التي قضى فيها فترة دراسته الابتدائية.
أحب من كل قلبه رعاية الأغنام فهي فرصة ليقرأ ما تيسر من روايات، فلطالما كان معجبا بكتابات حنا مينة، وكان كلبه المفضل يرافقه دائما في مثل هذه "الخرجات".
ولكن في هذا اليوم، لم يهنأ للكلب بال، أخذ يلاحق الفأران والأرانب، واصل ركضه ونباحه، حاول صالح اللحاق به... وبينما هو يركض، سقط وسط هوة عميقة.
فتح عينيه فوجد نفسه وسط الظلام، أحس بأوجاع في كتفه وساقه، أجال بصره في كل الاتجاهات فارتطمت بالسواد.
حرك يده يتحسس محيطه ... أحجار كبيرة، متراصة، متصاعدة كأنها الإهرامات، أرضية مبللة وحشائش صغيرة...
كم من الوقت مر وهو ملقى في هذه الحفرة؟؟ تمنى في لحظة لو حمل معه ساعته والولاعة..
ولو... ماذا ستغير معرفة الوقت؟؟ فالوقت ليس قيما في حد ذاته بل يكتسب قيمته من الأفعال والحركات التي يأتيها الإنسان فيه. فما جدوى أن نقول الساعة كذا ؟ المهم أن نقول فعل فولان كذا في تلك الساعة..
وبما أنه لا يأتي أي فعل، فهو خارج دائرة الزمن.
تذكر ألم كتفه فمرر يده عليه ثم مررها على بقية جسم، شعر بالحر، فتجرد من ملابسه حتى لم يبقى شيء يستره.
أعجبه الأمر، فهكذا يولد كل الناس، عراة، فلماذا هذا القماش الذي يعيق أحيانا الجسم عن الحركة؟
رجع يمرر يده على جسمه ويتحسس كل مكان فيه حتى أدق التفاصيل، مرت يده بمرتفعات ومنخفضات، سهول ووديان حتى وصلت إلى الجبل... ما أحلى أصل الإنسان...
تذكر أنه وسط هوة لا يعرف ماهيتها، حاول الصراخ لعل أحدا يسمعه... حاول الوقوف، خارت قواه... سقط مرة أخرى مغشيا عليه...
فتح عينيه فوجد نفسه في المنزل، في غرفته، على سريره وأبوه حذوه يتطلع إليه في شفقة، حاول أن يحرك يديه، أبت، أحس بألم شديد فصرخ،
- لا يا بني، أمر الطبيب بأن لا تتحرك من مكانك حتى تلتئم عظامك فقد كسر عظم كتفك وساقك...
- ولكن كيف وجدتني؟؟؟
- أشكر كلبك فهو الذي أرشدني إلى مكان سقوطك... كان بئرا مهجورا، لم يستعمل منذ عشرات السنين، احمد ربك لأنك لم تلدغ من أي أفعى...
فعلا شكر كلبه، وحين مات بكى عليه بدموع حرّا، فقد كان صديقه الوحيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق