عشت مع أبي وجدتي وحدنا في بيت صغير، غمروني حبا، دلّلوني ونلت كل مطالبي.
柞كانت طفولتي هادئة، لم تنغصها إلا تلك الاعتداءات المتواصلة من زميل لي في المدرسة وكان كلما ضربني ركضت باكيا إلى أبي، فيقول تلك الجملة التي مازال رجع صداها يثقل أذني:
- آه يا دنيا، النار تخلف الرماد، ومشات الخيل وقعدت البرادع...
لم أفهم في الأول معنى كلماته، لكن ومع مرور الأيام عرفت سبب حرقته.
كان أبي في صغره يسكن في تونس العاصمة، وكان يدرس في إحدى المعاهد الثانوية...
كان حلمه الأكبر بأن يكون مهابا من قبل جميع شباب حيه، فكان له ما أراد بعد حادثة قصها علي عشرات المرّات.
ذهب أبي للسوق مع صحبه، فأعجبته ساعة، أخذها وهمّ بالمغادرة، اعترض طريقه رجل ضخم، أمره بأن يرجع الساعة إلى صاحبها، سمع همسا وراءه، رفاقه يتهمونه بالجبن، جمع قوته في قبضته وانهال بها على أنف العملاق، فخر الأخير مغشيا عليه، و من حينها صار مهابا من الجميع.
حتى أمل، أمي، عرضت عليه نفسها ليحميها من الاعتداءات، إلى أن كان ذلك اليوم.
تناوب رفاق أبي على أمل، عاشروها كلهم في ليلة واحدة، أم هل هي من طلب ذلك من أبي؟؟ لا أحد يعرف الحقيقة.
ثم توالت الأحداث سريعا، شرطة، تحقيق، ثم زواج...
لم يستطع أبي أن يتحمل نظرات أصدقائه له، فهذا الزواج عار كما كان يقوا جدي، الذي مات حسرة.
وبعد وفاته بأسبوع غادر أبي وأمي وجدتي العاصمة، عودة إلى الجنوب أين استقروا في بيت العائلة، وأين ولدت أنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق