كتبت كل آيات القرآن وحفظتها عن ظهر قلب، رتّلتها وكنت متفوقا بالمقارنة مع صحبي، فاصطحبني المؤدب معه في كل المآتم حتى تلك التي في القرى المجاورة. وكنت أتلو القرآن أمام الضيوف المهمين الذين يزورون بلدتنا في المناسبات الدينية.
ولكن الشخص الوحيد الذي أقلقني حقيقة هو عم الطاهر صديق أبي.
فذات يوم، وأنا عائد من الكتاب، اعترض طريقي، أمسكني من يدي، ونظر في عينيا نظرة ثاقبة كأنه يريد أن يستطلع أغوار نفسي، طأطأت رأسي، لا أدري ماذا أفعل، أنقذني منه أبي، أبعدني عنه، لكن عم الطاهر قال:
- هذا هو الشخص المطلوب يا هيثم...
- لا، كل شيء إلا ابني، لا تدخله في هذه الحكايات...
- ولكن...
- قلت لك لا...
واصطحبني إلى المنزل، نمت ليلتها وأنا أحلم بعيني عم الطاهر.
حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل أحسست بيد تحركني، وصوت أبي يأتيني من بعيد.
- صالح، يا صالح أفق يا بني.
أفقت والنوم يداعب أجفاني، حقيقة أني لم أفق تماما.
خرجنا من المنزل، وكانت الرياح شديدة والمطر يتساقط رذاذا، حتى أني عندما دخلنا إلى منزل عم الطاهر لم أستطع التماسك، نمت عند أول سرير اعترض طريقي.
أفاقوني من جديد، أخرج عم الهاشمي قلما وحبرا، خط شيئا على كف يدي وعلى جبيني، وتناول كتاب قرآن.
عدا أبي وعم الطاهر كان معنا في الغرفة شخصان يحملان فؤوسا.
وبدأ عم الطاهر بتلاوة القرآن وطلب مني أن أنظر إلى الحفرة التي حفرها الشخصان الآخران وأخبره بما أرى.
رائحة البخور تتصاعد، تغريني بالنوم، لم أستطع التماسك، نمت، أيقظني من جديد، فخطرت في بالي حيلة، أنقذتني منذ ذلك اليوم من هذا الدجل.
قلت لأبي:
- أرى شخصا، انتظر إنه يطلب منا الانصراف، وعدم العودة إلى الحفر.
ففعلوا ذلك دون معارضة تذكر، وانتهت معاناتي.
je ne vois aucun rapport entre le contenu et le titre de ton article.
ردحذف