الاثنين، 10 مايو 2010

علاقة غير شرعية


في الركن الفاصل بين "نهج الباشا" ونهج "الحفصية" رفع رأسه كالعادة، فوجد قبالته "شعبة التجمع الدستوري الديمقراطي".
كان يتذكر عم الهاشمي أو "لحسه" كما يحب البعض مناداته غيبا، كلما مر بمقر الشعبة، فهو معروف بمحاباته للعرف، و "تبنديره" الذي يقلق كل الموظفين، إلاّه. ولماذا يقلق؟ فهو معروف في الوزارة بانضباطه، يحضر في الوقت، ويغادر في الوقت، عمله منظم، وماهو هذا العمل؟ بسيط جدا ولا يتطلب مجهودا كبيرا...
عم الهاشمي أو "لحسه" أب لأربع بنات، كبيرتهن "زهرة"، وفي أول أيام التحاق صالح بالوزارة تقلق كثيرا من عروض "لحسه" للزواج منها. ومع مرور الأيام تحطمت محاولاته أمام رفض الشاب، كما تتحطم الموجة على الصخور فترتد خائبة إلى الأعماق.
وسط تأملاته وجد نفسه في نهاية شارع "المنجي سليم"، اتجه نحو مقهى "الدينار"، لم يجد كرسيا شاغرا، أجال بصره في كل الزوايا، يمنة ثم... أعاد بصره ناحية الطاولة التي على يمينه، حدق، فرك عينيه، ليس مخطئا، إنها هي، نعم "محجوبة" بنت بلدته وزميلته في الدراسة الابتدائية والثانوية، أبوها عم الطاهر، صديق أبيه... غاص مرة أخرى في الذكريات، كان ذلك في إحدى أيام الصيف.
وحيد في الجبل يرعى نعاج أبيه، ماسكا برواية من روايات حنا مينة.
يدان ناعمتان أغمضت عينيه، ذعر، رمى الكتاب وأمسك باليدين، التفّ المجهول حوله، انقلبا، تدحرجا على الحشائش، لم يكن صاحب اليدين سوى محجوبة.
أراد النهوض، أمسكت به من خصره، أحس بجسمها تحته يئنّ، نهدان طريان مضغوطان على صدرها... وبدأ الجبل يستفيق من سباته، تقاربت الشفاه، تلامست، قبلة، ثم أخرى... حركت يديها، نزعت عنه قميصه، نزع جلبابها، مرر لسانه على كل جسمها، رقبتها، كتفاها، ثدياها حلمتان حمراوان، يستفزان لسانه لمداعبتهما، لم يتردد، تأوّهت، طلبت المزيد، وكان لها ما أرادت، حتى اجتمعا في جسم واحد، اتّحدا كآدم وحواء في أيام الإنسان الأولى. وأتت الرعشة لتنهي اللّعبة.
تمدد بجانبها، أشعل سيجارة، طلبت واحدة، أعطاها، أشعلها لها، دخّنا في صمت.
- صالح، أتحبني؟؟
- ماذا؟
- قلت لك، أتحبني؟
سكت، هذا حاله عندما لا يجد إجابة لسؤال. غاص في أعماق نفسه.. هل يحبها؟؟ نعم... لا ... هيا أيها الجبان، لتكن صريحا ولو لمرة في حياتك.
- لا.. لا أحبك..
صمت، أشعلا سيجارتين أخريين، بكت محجوبة وهي تدخن، لم ينظر إليها حتّى، وقفت، غادرت والدمع يتساقط من عينيها.
إحساس أبيض، نعم هكذا كان يسميه ففي مثل هذه المواقف كان لا يشعر لا بالحزن ولا بالفرح، لا غضبا ولا تسامحا... فقط إحساس نقي، لا مبال.
أشاح بنظره عنها، ذهب ليشتري علبة سجائر، فرغ كرسي على يساره، جلس، طلب قهوة، أشعل سيجارة، نفس عميق، ياااه ما أحلاهاااا...........
حمد ربه أن السجائر لا تنفذ من هذا البلد، فالحياة فيه محتملة مادامت السجائر والقهوة والخمر والكتب موجودة لا تنضب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق